Powered By Blogger
أهلاً وسهلاً بكم في مدونة منحل الديوانيه ......... يسرنا مشاركتك فيها
Welcome to Diwaniyah Apiary Blog... We are pleased to hear from you

17‏/10‏/2013

هندسة العش عند الدبور الاحمر


د. نزار جمال حداد
مدير مديرية بحوث النحل – المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي
رئيس الاتحاد النوعي للنحالين الاردنيين
drnizarh@gmail.com

تعتبر الحشرات المجتمعية من أكثر الكائنات الحية سحراً في علاقتها التكاملية والتعايشية مع بعضها، فلا يستطيع الفرد فيها أن يحيا منفرداً ولا يستطيع الكل فيها (الطائفة) أن يحيا بدون عمل الفرد. ومن بين هذه الحشرات النحل والنمل والدبور، ويتمتع الدبور بالشعبية الأقل بين الحشرات المجتمعية؛ وقد يكون ذلك مرتبطاً بالألم الذي يصاحب لسع الدبور الذي قد يتعرض له الإنسان مقارنة مع المنتجات التي ينتجها النحل ومثال الكد الذي يظهره النمل، إلا أن الدارس لسلوك الدبور ودورة حياته في حقيقة الأمر ينبهر بالطاقات والابداعات الهندسية التي يمتاز بها الدبور، ومن بين أنواعه الدبور الأحمر أو ما يعرف بالدبور الشرقي أو دبور البلح، وهو ينتمي إلى الحشرات غشائية الأجنحة وينتشر في المناطق الجنوبية والشرقية من حوض البحر المتوسط وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية وأثيوبيا، ومن بين القدرات الهندسية البديعة لدى هذا الدبور المنتشر في بلادنا بقدرته على الحفر والنقل وعجن المواد والتصميم والتمويه والإخفاء واحتساب المواقع الدفاعية عن عُشه.
في مطلع الربيع بعد خروج الملكة من سباتها الشتوي تبدأ رحلات استكشافية لاختيار موقع عشها ليكون محمياً من الاعتداءات وقابلاً للتوسعة وبعيداً عن المخاطر كمياه الأمطار والسيول وعبث العابثين، وتبدأ الملكة بناء قرص من 3-7 عيون سداسية معلقة في سقف العش الذي تختاره رابطة القرص بأعمدة اسطوانية مصنوعة من الطين ومقواه بلحاء الأشجار والمواد الورقية و السليلوزية لتضع بعدها البيوض وترعاها لحين اكمالها دورة حياتها ليتفرغ بعدها الجيل الجديد لبناء العش والأقراص التي يصل عددها الى 7 أقراص ترتبط فيما بينها بأعمدة كالتي وردت سابقاً لتتفرغ الملكة لوضع البيض واضعة ما بمجمله حوالي 4 آلاف بيضة طيلة فترة حياتها، ولتبدأ العاملات بعمليات جمع الطعام واطعام الأجيال الجديدة، وعلى عكس النحل والنمل لا يقوم الدبور بتخزين الطعام بل يجمع قوت يومه وقوت صغاره مما يجعله أقل تطوراً من النحل والنمل.
ولهندسة العش سحرها الخاص عند الدبور فهو معلق من أعلى إلى أسفل بعكس الجاذبية الأرضية، وأخذ شكل الهرم المقلوب فالأقراص الكبرى من أعلى والصغرى من أسفل، كما أن سطوح الأقراص العلوية ملساء لتسمح للماء بالإنسياب عنها إذا تسرب إلى العش. كما يمتاز الدبور عن النحل بأن يرقات في الدبور تقوم بإغلاق عيونها السداسية بنفسها باستخدام خيوط تنسجها على نفسها، بينما عند النحل فحين بلوغ اليرقات العمر المحدد يقوم النحل بتغطية العيون السداسية بطبقة شمعية.
علّنا نكون في هذا الإيجاز قد ألقينا الضوء على كائن قد يعتبر غير محبوب إلا أن سحر الهندسة في داخل عشه يعيبر أساساً للعديد من القواعد العلمية التي لا يزال الإنسان بحاجة إلى تعلّمها من هذا المخلوق العجيب.

ليست هناك تعليقات: